استطاعت العلامة التجارية نوكيا Nokia السيطرة والهيمنة على سوق الهواتف المحمولة لسنوات، بسبب نجاح استراتيجية المزيج التسويقي Marketing Mix خاصتها في محاكاة تطلعات العملاء وظروف السوق في ذلك الوقت، مما جعلها تعتمد الاستراتيجية نفسها وتغض الطرف عن أي متغيرات أخرى، لكن لعبة التسويق لا تعتمد على الاستراتيجيات الجامدة مهما كان نجاحها، لذا فالبقاء فيها للأكثر قدرة على التكيف مع المتغيرات، وإعادة صياغة المزيج التسويقي بما يتناسب مع التطورات المتوالية في مبادئ التسويق الحديث، وهذا هو السبب وراء تراجع نوكيا، لأنها اكتفت بنموذجها الناجح وأبدت تكيفًا بطيئًا مع تحول السوق والعملاء نحو التكنولوجيا المعقدة، مما أدى إلى ظهور منافسين أكثر جذبًا للعملاء مثل أبل وسامسونج.
لذا، نتناول في هذا المقال المزيج التسويقي كأحد أهم مبادئ التسويق الفاصلة في تحديد مدى نجاح الشركات أو فشلها، لكن الجديد الذي سنتطرق إليه بهذا الشأن هو التطور الأحدث لعناصره، والذي أشار إليه الأب الروحي لعلم التسويق الحديث فيليب كوتلر Philip Kotler ضمن فصل كامل من كتابه الجديد (Kellogg On Marketing)، وهو الإصدار الثالث 2023 عن برنامج إدارة الأعمال التسويقي الأول في العالم في كلية كيلوج لإدارة الأعمال والتسويق.
جدول المحتويات:
ما هو المزيج التسويقي؟
المزيج التسويقي Marketing Mix هو أحد أهم مبادئ التسويق الأساسية، وهو عبارة عن مجموعة من العناصر المتغيرة والقابلة للتحكم، والتي تصيغها كل علامة تجارية وفقًا لأهدافها وجمهورها المستهدف، بناءً على أحدث أبحاث السوق والبيانات، لترتكز عليها فيما بعد الاستراتيجية التسويقية الفعالة في التأثير على قرار العميل وتوجيهه نحو الشراء. أضف إلى ذلك، أن تلك العناصر معروفة لمختلف العلامات التجارية، لكن كيفية صياغتها وتشكيلها هو السمة المميِّزة للعرض الذي تقدمه كل علامة تجارية إلى جمهورها المستهدف.
أهمية المزيج التسويقي
لم تَبِع كوكا كولا coca cola سوى 9 زجاجات يوميًا فقط في عامها الأول سنة 1886، والآن هي تنتج 1.9 مليار عبوة يوميًا، لتغطية احتياجات السوق وفقًا لآخر إحصاءات موقعها الرسمي.
أما العلامة التجارية Door Dash، فلم تمتلك سوى 4 أفراد في فريق العمل خاصتها عند إطلاقها سنة 2002، بسبب محدودية ميزانيتها، والآن يكفي أن تعرف أن قيمتها السوقية تتجاوز 10 مليار دولار.
نجاحات رائعة، أليس كذلك؟! لكن الأكيد أنها ليست وليدة الصدفة، لأن ثمة عامل مشترك وراء مثل تلك النجاحات وهو قوة المزيج التسويقي، والذي تكمن أهميته في:
- المساعدة في تقديم المنتج المثالي إلى الجمهور المهتم الذي يبحث عنه، في المكان المناسب والوقت المناسب.
- الاستناد إلى نموذج منظم يمكن للشركات التحكم فيه، والرجوع إليه لتطويره وتنقيحه.
- المساعدة في إعداد الخطة التسويقية بناءً على تسلسل المراحل التي يمر بها العملاء حتى الوصول إلى قرار الشراء، مما يساعد على فهم سلوك العميل في أثناء تجربة الشراء ككل، وبالتالي العمل على تطوير وتعديل تلك التجربة للوصول إلى أفضل النتائج.
- توفير الوقت والجهد والمال، لتحقيق الأهداف التسويقية المطلوبة بطريقة علمية ممنهجة.
- تلخيص العرض الذي تقدمه الشركات إلى جمهورها المستهدف، والذي يميز كل شركة عن غيرها ويُبرز هويتها.
عناصر المزيج التسويقي
اهتم مختصو التسويق بنموذج المزيج التسويقي، كونه من أهم مبادئ التسويق التي تُبنى عليها العملية التسويقية بأكملها، ففي عام 1960، اقترح جيروم مكارثي Jerome McCarthy أستاذ علم التسويق نموذج 4P’s لعناصر المزيج التسويقي، والذي يتكون من أربعة عناصر هي: المنتج Product والسعر Price والمكان Place والترويج Promotion، وهذا هو النموذج الأكثرة شهرةً واستخدامًا حتى يومنا هذا.
وفي عام 1981، طرح بيرنارد بومس Bernard Booms نموذج 7P’s كتطوير للنموذج السابق الذي طرحه مكارثي، إذ أضاف ثلاثة عناصر أخرى هي: الأشخاص People والعمليات أو الإجراءات Process والدليل المادي Physical Evidence. وفي عام 2007، طرح Christopher Lovelock نموذج 8P’s، وفيه أضاف عنصرًا واحدًا للنموذج السابق وهو: الأداء Performance.
هل حيَّرتك كل تلك الـ P’s؟! دعني أخبرك أيضًا أنه في عام 1990 طرح بوب لوتربون نموذجًا مختلفًا بمنظور مختلف لعناصر المزيج التسويقي، وهو نموذج 4C’s بديلًا لنموذج 4P’s لمكارثي، إذ كان يرى أن مبادئ التسويق وعناصر النموذج يجب أن تُصاغ من وجهة نظر العميل، فاقترح أربعة عناصر هي: العميل Customer والتكلفة Cost والملائمة Convenience والتواصل Communication، لكن لم يلق هذا النموذج اهتمامًا واسعًا إلا في عنصر التواصل، إذ عدَّه المسوقون من أحد مبادئ التسويق الهامة وضمَّنوه في إجراءات عملية الترويج Promotion في نموذج الـ 4P’s.
ما الجديد في مبادئ التسويق؟
أشرنا في المقدمة إلى أننا سنتناول مستجدات مبادئ التسويق التي تطرق إليها فيليب كوتلر وأليكساندر تشيرنيف في إطار كلامهما عن نموذج المزيج التسويقي 4P’s، وذلك في الإصدار الأخير لعام 2023 من كتابهما الذي تشاركا تأليفه “Kellogg On Marketing”. والحقيقة أن كوتلر وتشيرنيف لم يكونا بصدد طرح نموذج جديد هذه المرة، لكنهما أرادا أن يُعيدا صياغة عناصر ال 4P’s لتصبح أكثر شمولًا وملائمة لعلم التسويق الحديث، وأكثر تلبية لتطلعات العملاء الذين أصبحوا أكثر إطلاعًا وتمكينًا بفعل التحول الرقمي.
أراد كوتلر أن يطور النظرة إلى العناصر السابقة لتصبح مزيجًا من التكتيكات والاستراتيجيات التسويقية، فأطلق عليها مصطلح “مزيج التسويق الاستراتيجي” Strategic Marketing Mix، وصنفها إلى سبعة عناصر ورمز لها بالرمز 7T’s، وهذا لا يعني أن العناصر ستبدأ بحرف T كما جرت العادة في النماذج السابقة، ولكنه يعني أنها 7 Tactics أي سبع تكتيكات واستراتيجيات، وهي كالتالي:
- المنتج Product
- الخدمة Survice
- العلامة التجارية Brand
- السعر Price
- التوزيع Distribution
- المحفزات Incentives
- التواصل Communication
سنتناول الآن شرح نموذج 7T’s بالتفصيل، كونه من أحدث تطورات مبادئ التسويق، لتتعرف كيفية تطبيق تلك التكتيكات لصياغة المزيج التسويقي الاستراتيجي الناجح لعلامتك التجارية.
مبادئ التسويق: نموذج التسويق الاستراتيجي 7T’s
1. المنتج Product
من أهم ما يميز نموذج التسويق الاستراتيجي 7T’s هو أنه فصل ما بين المنتجات والخدمات، وجعل لكل منهما استراتيجية مختلفة، بسبب اختلاف طبيعة كل منهما، وبالتالي اختلاف ما يترتب على ذلك من عناصر المزيج التسويقي ككل، بينما أدى الدمج بينهما في عنصر واحد كما في نموذج 4P’s إلى صعوبة التخطيط لكل منهما على حدة.
والمنتجات قد تكون مادية ملموسة، مثل: الأجهزة الرقمية (الهواتف الذكية والحواسيب) أو المنتجات الغذائية أو الملابس ونحو ذلك، وقد تكون غير مادية وغير ملموسة، مثل: المنتجات الرقمية كالبرامج والتصميمات والكتب الرقمية ونحو ذلك. السؤال الأهم الآن هو كيف تتأكد أن فكرة منتجك مؤهلة للنجاح؟ سأختصر لك أهم النصائح في النقاط التالية:
- ادرس السوق جيدًا، وابحث عن ثغراته وفجواته، وحاول أن تكتشف أفكار تسويقية التي لا يقدمها المنافسون أو التي يقصرون في طرحها بطريقة مرضية للعملاء. وتأكد أن هناك طلبًا على فكرتك، فلا جدوى من المنتج الذي تشبع به السوق وكان العرض منه أكثر من الطلب.
- حدد جمهورك المستهدف، وادرس سلوك العملاء المحتملين واهتماماتهم، واكتشف تطلعاتهم واحتياجاتهم.
- تأكد أن منتجك يلبي احتياجات جمهورك المستهدف وتطلعاته، ويسد ثغرة في السوق ويعالج نقاط الضعف لدى المنافسين.
- قدم منتجًا ذا جودة وميزة تنافسية قادرة على التفوق على نقاط القوة لدى المنافسين.
بعد أن حددت المنتج المطلوب، أَضف إلى ذلك صياغة وتخطيط كل المواصفات والمراحل التي يمر بها هذا المنتج، أو بمعنى أصح تحديد “دورة حياة المنتج” والتخطيط لها وإبراز معالمها، لأنها سيُبنى عليها كثير من القرارات مستقبلًا، وكذلك للرجوع إليها في حال الرغبة في التعديل والتحسين، ويتضمن ذلك:
- مرحلة التطوير: بما تشمله من الخصائص والمزايا والبحث والدراسة والمقترحات وإجراء اختبارات الجودة ونحو ذلك، وهذه من أهم المراحل التي تحدد مدى نجاح المنتج مستقبلًا.
- مرحلة الإطلاق: وهي من أكثر المراحل الذي تسبب توترًا لأصحاب الأعمال، لأن المنتج مازال جديدًا والعلامة التجارية غير معروفة، لذا يكون التركيز في هذه المرحلة على الجهود التسويقية، لزيادة الوعي بعلامتك التجارية.
- مرحلة النمو: هنا بعد نجاح الجهود التسويقية والانتشار، قد تحتاج إلى زيادة الإنتاج وتحسين المنتج، للاحتفاظ بالعملاء وتلبية احتياجاتهم، والتأكد من أن مقدار العرض يتناسب مع معدل الطلب.
- مرحلة الاستقرار: وهي مرحلة استقرار المبيعات وثباتها، وهي مرحلة حرجة شديدة الأهمية، إذ يجب أن تتأكد من احتفاظك بالعملاء وتقليل معدل الانسحاب، وتتأكد من عدم وجود ثغرات يستغلها المنافسون، وهنا يجب أن تركز جهودك التسويقية على إبراز قوة منتجك وقيمته وتعزيز ولاء العملاء.
- مرحلة التراجع: وفيها تتراجع المبيعات وقد يبدأ المنتج في الانهيار، والهدف من التخطيط لهذه المرحلة ضمن المزيج التسويقي هو وضع التدابير والاحتياطات وأخذ كل السيناريوهات في الحسبان، لتتمكن من اتخاذ القرار الصائب حينها. وبالتأكيد فإن الوصول إلى هذه المرحلة يحتاج إلى البحث عن الأسباب، والتي قد يكون منها: كثرة نقاط الضعف أو تفوق المنافسين أو قلة الوعي بالعلامة التجارية، فالوقوف على هذه الأسباب يساعدك في إعداد الخطة لمعالجتها، أو اتخاذ القرار بسحب المنتج إذا كانت الخسائر لا يمكن تحملها.
2. الخدمة Survice
الخدمات هي الأعمال غير الملموسة التي تقدمها لعملائك، ربما تكون نشاط أو مهارة أو منفعة تمثل قيمة للعميل وتلبي احتياجاته وتحل مشكلاته، مثل: الاستشارات القانونية أو الخدمات الطبية أو الخدمات المالية ونحو ذلك. ويختلف بناء نموذج المزيج التسويقي ككل في حالة تسويق المنتجات عن تسويق الخدمات.
والخدمات غير مرئية للعملاء بخلاف المنتجات، إذًا فالعميل هنا بحاجة إلى دليل مادي يحفزه على الشراء أو الاشتراك ويزيد مصداقية الخدمة في نظره، من أجل ذلك فإن أول ما يبحث عنه ويتخذه مرجعًا لقراره هو دليل من قبيل مراجعات العملاء السابقين وآرائهم، وكذلك خدمة العملاء الاحترافية التي تشعره بالموثوقية والدعم، ويُستحسن أن تعرض جوائزك أو شهاداتك التي تثبت جدارتك للعملاء.لذا، بادر عملائك بتوفير المراجعات وتسهيل الوصول إليها، يمكنك عرضها من خلال موقعك الإلكتروني ونشرها عبر منصات التواصل الاجتماعي، واحرص على توفير خدمة دعم احترافية على مدار الساعة، تساعد في تمكين عملائك وتترك انطباعًا أوليًا إيجابيًا عن خدماتك.
أما فيما يتعلق بتحسين الخدمات وتطويرها، ففي كثير من الأحيان يكون تطوير الخدمات أكثر تعقيدًا من تطوير المنتجات، لماذا؟ لأن طريقة تقديم الخدمة الواحدة قد تكون مختلفة من عميل إلى آخر بناءً على الاحتياجات والمتطلبات، أَضف إلى ذلك أن معايير الحكم على الجودة قد تختلف من عميل إلى آخر بناءً على تفضيلات كل منهما، فمثلًا قد يقيّم أحد العملاء خدمة الاستشارات القانونية بالسلب فقط لأن مكتب المستشار كان مزدحمًا واضطر للانتظار وقتًا طويلًا، في حين أن غيره قد لا يهتم بذلك كثيرًا ما دام حصل على الاستفادة المطلوبة من الاستشارة.
تساعدك النصائح التالية في تطوير خدماتك نحو الأفضل:
- صنّف احتياجات عملائك حسب ما يتوفر لديك من معلومات عنهم.
- اجعل الخدمات قابلة للتخصيص -إن أمكن- لتتناسب مع متطلبات العملاء المختلفة.
- شجع العملاء على الاستفادة من خدماتك من خلال تعداد مزايا الاشتراك فيها وإبراز عرض القيمة الذي تقدمه.
- اطرح خدماتك كحل لمشكلات العملاء، وخاطب نقاط الألم لديهم، لتعزيز الاستجابة العاطفية.
- حفز العملاء المحتملين على الاشتراك من خلال الحوافز، مثل: الخصومات أو الفترة التجريبية المجانية أو الهدايا.
- استفِد من طرق التسويق الحديثة في الانتشار وخلق الوعي والانخراط في مجتمعات العملاء، مثل: التسويق عبر منصات التواصل الاجتماعي والتسويق بالمحتوى.
هل يمكن تقديم منتج وخدمة في الوقت نفسه؟
وتجدر الإشارة إلى أنه يجب الأخذ في الحسبان عند إعداد استراتيجيتي المنتجات والخدمات في المزيج التسويقي خاصتك، أن التطور الرقمي بالفعل قد أتاح إمكانية المزج ما بين المنتج والخدمة، فظهرت المنتجات القائمة على الخدمات، وهذا سيفيدك في تطوير أعمالك أكثر، وسيفيدك كذلك في مرحلة التسويق والإعلان، وسيعزز ميزاتك التنافسية.
إليك مثالًا للتوضيح أكثر، إذا كنت مثلًا تبيع منتجات منزلية مثل الأثاث ونحو ذلك، فإن إضافة خدمة الضمان والاسترجاع إلى سياسة البيع لديك سيحفز العملاء أكثر على الشراء، ويميزك عن المنافسين الذين لا يوفرون تلك الخدمة، ويزيد ثقة العملاء بعلامتك التجارية. وفي مثل تلك الحالة، عليك التخطيط للمنتج الذي تبيعه والخدمة التي توفرها كل منهما على حدة كما في نموذج مزيج التسويق الاستراتيجي 7T’s الذي نتناوله، لأن هذا سيجعل عملك أكثر تنظيمًا، ويساعدك في الوصول إلى أفضل النتائج.
3. العلامة التجارية Brand
لا يمكن فصل هوية العلامة التجارية وشخصيتها عن عملية البيع، بل في أغلب الأحيان تكون هي المحفز الأساسي لبيع المنتج أو الخدمة، إذ تساعدك الهوية على خلق صورة ذهنية عن علامتك التجارية وما تقدمه في أذهان العملاء، وهذا ينعكس بدوره على قرار الشراء والولاء. أضف إلى ذلك أنه بدون هوية لعلامتك التجارية لن يتعرف عليك العملاء ولن يميزوا منتجاتك من بين المنافسين.
والمقصود بهوية العلامة التجارية هنا ليس فقط مجرد الاسم أو الشعار أو التصميم، ولكنه يمتد إلى ثقافتها وشخصيتها وقيمها وإنسانيتها، وهذا لا يُبنى بين يوم وليلة، لكنه يحتاج إلى جهد مستمر من أجل إبراز الهوية، وتخطيط جيد منذ المراحل المبكرة في أثناء إعداد نموذج المزيج التسويقي. تساعدك الخطوات التالية في إبراز هوية علامتك التجارية:
حدد صوت علامتك التجارية Brand Voice
صوت العلامة التجارية هو الشخصية والقيم والثقافة التي تتبناها، والأسلوب الذي تستخدمه في التواصل مع العملاء والتفاعل معهم. فمثلًا، قد يكون صوت العلامة التجارية يتسم بالجدية أو المرح أو الرسمية أو الودية أو الحماسة، كيف تحدد هذا؟ باختصار، اسأل نفسك هذه الأسئلة: ما هي شخصية العملاء الذين تستهدفهم؟ وما هو الشعور الذي ترغب في إيصاله إليهم؟ ما الانطباع الذي ترغب في ترسيخه في أذهانهم؟ ما هي رسالة علامتك التجارية؟ وأخيرًا تأكد من توافق إجابات الأسئلة السابقة مع طبيعة نشاطك التجاري وأهدافك التسويقية.
تأكد من اتساق العلامة التجارية
يجب أن تحافظ على اتساق علامتك التجارية وتوحيد الصوت والشخصية التي تبرزها للعملاء في مختلف المنصات والحملات الإعلانية، هذا مهم حتى لا يصاب عملاؤك بالتشتت والارتباك، وحتى يستطيعوا تمييز علامتك من بين المنافسين، وهذا ما أكده 68% من أصحاب الشركات الذين صرحوا أن اتساق العلامة التجارية ساعدهم في زيادة المبيعات بنسبة 10%. وكذلك، فقد أشار 87% من العملاء إلى أن هذا الاتساق عبر مختلف المنصات الإلكترونية أو التقليدية هو من الأولويات بالنسبة لهم. إذًا، اتساق العلامة التجارية ورسوخها هو الأحد الأصول الثمينة التي ستساعدك على الاحتفاظ بالعملاء وزيادة المبيعات بأقل تكلفة ممكنة.
يمكنك تعزيز اتساق علامتك من خلال الشفافية والمصداقية والجودة، وترسيخ الأفكار والقيم والشخصية والرسائل التسويقية، ولا تغفل تناغم واتساق استراتيجية المزيج التسويقي الذي تبني عليه استراتيجيتك التسويقية، فمثلًا من غير المعقول أن تقدم منتجًا ذا جودة متوسطة بسعر مرتفع جدًا، فقط لأنك تعتقد أن هامش الربح الأعلى هو الأهم، في حين أن العملاء يعتقدون أن المنطقية والتناغم والاتساق ما بين الجودة والسعر هو الأهم وهو المنطقي كذلك.
اختر التصاميم المناسبة
بالإضافة إلى كل ما سبق، لا يمكن أن نغفل أن التصاميم والشعارات والألوان وحتى تصاميم التعبئة والتغليف لها يد في تشكيل صورة ذهنية عن علامتك التجارية، فلا تتردد في الاستثمار فيها، لأن التصاميم الاحترافية تترك انطباعًا أوليًا إيجابيًا لدى جمهورك المستهدف، لكن الأهم أن تناسقِ التصاميم والألوان المناسبة مع طبيعة نشاطك التجاري والتي تعزز هويتك وتتناسب مع ما تقدمه.
وفّر دعمًا احترافيًا
لا توجد علامة تجارية قوية إلا وهي تستند إلى خدمة دعم مثالية، ولا شك أن دعم العملاء هو من أهم مبادئ التسويق الناجح، لأن العملاء الذين لا يحصلون على الدعم ينسحبون غاضبين، وهم لا يكتفون بذلك بل ينشرون مراجعاتهم السلبية عبر الشبكات الاجتماعية، مما يضر بسمعة العلامة التجارية بين العملاء وفي السوق، وبدون سمعة جيدة لن يكون هناك مبيعات جيدة ومع الوقت قد لا يكون هناك مبيعات من الأساس.
لذا، اهتم بتوفير خدمة دعم احترافية تلبي احتياجات العملاء، وتعزز الانطباع الإيجابي والثقة في علامتك التجارية، لأن العملاء يشترون بناءً على الثقة. تؤكد الإحصاءات أن خدمة الدعم الجيدة هي مما يميز العلامات التجارية عندما تشتد المنافسة، إذ يشير 94% من العملاء إلى أن الطريقة التي تعاملهم بها العلامة التجارية من خلال خدمة الدعم تؤثر بصورة مباشرة على قرار الشراء والولاء.
حافظ على أنسنة علامتك التجارية
يفضل العملاء العلامة التجارية ذات الطابع الإنساني، التي تشبههم وتشعرهم بالتلقائية، وتتواصل معهم على هذا الأساس. وبالرغم من أن أدوات الأتمتة والردود الآلية والروبوتات مذهلة في توفير الوقت والجهد، إلا أن المبالغة في استخدامها يفقد العلامة التجارية طابعها البشري في نظر العملاء، في حين أن العملاء يكونون أكثر ولاءً بنسبة 57% لصالح العلامة التجارية ذات الطابع الإنساني. تظهر بشرية العلامة التجارية من خلال الردود والرسائل وخدمة العملاء، ومشاركة الجمهور قضاياه العامة وإظهار التعاطف والمشاعر ومشاركة المناسبات الاجتماعية العامة والأفكار والقيم ونحو ذلك.
4. السعر Price
السعر هو أحد أهم عناصر المزيج التسويقي الناجح، وهو المبلغ الذي تحصل عليه من العميل مقابل المنتج أو الخدمة. وفي العادة يكون السعر مرتبطًا بقيمة المنتج وبتكلفة تصنيعه. في هذه المرحلة، حدد الاستراتيجية التسعيرية المناسبة لأهدافك التسويقية ولقيمة منتجك السوقية ولتكاليفك، حدد أيضًا تسعيرات احتياطية للمتغيرات، مثل: العروض والخصومات لجذب المزيد من الزبائن، أو الزيادات القائمة على زيادة القيمة والتكاليف ونحو ذلك، خاصة وأن كثير من المنتجات والخدمات تكون حساسة للتقلبات السعرية.
جدير بالذكر أن التسعير لا يمكن أن يكون عشوائيًا، بل يجب أن تستند قرار التسعير إلى عوامل محددة تتشكل الاستراتيجية التسعيرية وفقًا لها، وللتوضيح أكثر سنشير إلى أبرز الاستراتيجيات التسعيرية التي يمكنك اختيار ما يناسبك منها:
التسعير القائم على التكلفة
التسعير القائم على التكلفة هو من أشهر الاستراتيجيات التسعيرية إن لم يكن أشهرها على الإطلاق، لدرجة أن كثير من أصحاب الأعمال خاصة المبتدئين يعتقدون أنها الاستراتيجية التسعيرية الوحيدة! يعتمد التسعير القائم على التكلفة على حساب إجمالي تكلفة المنتج (التكاليف الثابتة + التكاليف المتغيرة + التكاليف المختلطة)، ثم إضافة نسبة ربح ثابتة للمنتج. هذا النوع من التسعير أكثر في الأنشطة التجارية المتعلقة بالمنتجات الغذائية والملابس والأثاث ونحو ذلك.
التسعير القائم على القيمة
يعتمد التسعير القائم على القيمة على مقدار الفائدة التي تعود على العميل من استخدام المنتج أو الخدمة بغض النظر عن التكلفة الفعلية، وهو أكثر شيوعًا في تسعير المنتجات الرقمية والأجهزة الذكية والأعمال الفنية والمنتجات الطبيعية والتجميلية. ومن أشهر العلامات التجارية التي تستخدم استراتيجية التسعير على أساس القيمة هي أبل Apple وستاربكس Starbucks.
لا شك أن هذا النوع من التسعير يستهدف شرائح الجمهور الأكثر قدرة شرائية، والأهم أنه يتطلب جهودًا تسويقية استثنائية، لتتمكن العلامة التجارية من خلق جو من التميز والتفرد، وتقديم تجربة شراء مذهلة، لإقناع الجمهور أنها تقدم عرض القيمة الذي يستحقونه، وهو ما يبرر السعر المرتفع. تذكر أن الجودة العالية ليست خيارًا إذا كان المزيج التسويقي خاصتك يرتكز على التسعير بالقيمة، فالخيار الوحيد إذًا هو أن تقدم أعلى جودة ممكنة.
التسعير التنافسي
التسعير التنافسي قائم على تتبع تسعير المنافسين، واتخاذ القرارات بناء على قراراتهم التسعيرية. ويتخذ هذا النوع من التسعير أكثر من صورة؛ فقد يعتمد على أن تزيد سعر المنتج بمجرد أن يزيد المنافس سعره والعكس أيضًا إذا خفّض السعر، وقد يعتمد على تثبيت السعر في الوقت الذي يزيد فيه المنافس من تسعيره، وإذا أتاح خصمًا، فإنك تعرض خصمًا أكثر منه، بهدف اجتذاب عددًا أكبر من العملاء وتحقيق مبيعات أكثر.
تسعير الاختراق
يعتمد التسعير الذي يستهدف اختراق السوق على طرح المنتج أو الخدمة في البداية بأقل سعر ممكن، وتحديدًا أقل من المنافسين. ويستهدف هذا النوع من التسعير زيادة الحصة السوقية، وسرعة الانتشار، واجتذاب شرائح العملاء الذين يبحثون عن منتج جديد بسعر أقل.
وإذا كانت استراتيجية المزيج التسويقي خاصتك تعتمد على تسعير الاختراق، فعليك أن تدرس الأمر جيدًا ولا تبالغ في خفض السعر إلى الحد الذي يجعلك تضحي بالجودة والقيمة كليًا، لأن هذا سيفقدك ولاء العملاء وسيُنهي دورة حياة المنتج سريعًا. لذا، احرص على تقديم جودة مقبولة على الأقل، ويمكنك خفض هامش الربح وتخفيض التكاليف في البداية حتى تحقق الانتشار المطلوب في السوق.
الآن بعد كل ذلك قد يراودك سؤال: ما هو التسعير الأنسب لمنتجك؟ بمنتهى الإيجاز أفضل سعر هو مزيج ما بين التالي:
- السعر المكافئ لقيمة منتجك
- السعر المناسب للتكاليف التي تكبدتها
- السعر الملائم لشريحة الجمهور التي تستهدفها
5. التوزيع Distribution
خطة التوزيع المتماسكة والمدروسة هي من أهم عوامل نجاح استراتيجية المزيج التسويقي لأي علامة تجارية، وهي ما يحافظ على الجهود المبذولة في كل مرحلة من أن تضيع سُدى. والمقصود بالتوزيع هي الأماكن التي سيُتاح بها المنتج أو الخدمة للعملاء عبر القنوات المباشرة مثل المتاجر، أو غير المباشرة مثل الموزعين أو الوسطاء. وبالتأكيد مع التطور الرقمي أصبحت قنوات التسويق الإلكترونية ركنًا أساسيًا من أركان التوزيع ضمن المزيج التسويقي، مثل: المتاجر الإلكترونية ومنصات التواصل الإجتماعي، كل هذا يتطلب خطة تسويقة جاهزة ومنظمة، لتوفير الوقت والجهد من أجل الوصول إلى العملاء المستهدفين في المكان المناسب، وتحقيق التوغل المطلوب في السوق. ولأن التوزيع لا يتم عشوائيًا، إليك أشهر طرقه:
- التوزيع الشامل: وهو يناسب المنتجات المطلوب توزيعها في أسواق كبيرة، وهذا يتطلب الاستعانة بالوسطاء لتحقيق الانتشار المطلوب.
- التوزيع الانتقائي: وهو يناسب العلامات التجارية التي تريد أن تخصص عددًا مححدًا من المنافذ لبيع منتجاتها دونًا عن غيرها، بسبب ملائمتها لطبيعة المنتجات وجودة عرضها، ولأنها تنتقي الأماكن التي من شأنها أن تحسن صورة العلامة التجارية وتدعم موثوقيتها.
- التوزيع الحصري: وفيه تختار العلامة التجارية موزع أو وسيط واحد فقط، تمنحه الحق في عرض منتجاتها بصورة حصرية في نطاق جغرافي معين، ويتم هذا وفق اتفاق محدد بين الطرفين.
6. المحفزات Incentives
المحفزات هي كل ما تقدمه إلى عملائك الحاليين من مكافآت، لزيادة الاحتفاظ بهم، وهي كذلك كل ما تقدمه إلى العملاء المحتملين من عروض تحفزهم على الشراء، والتحول إلى عملاء فعليين. ويتحقق التحفيز من خلال كوبونات الخصم والعروض الموسمية والتخفيضات والهدايا، بهدف كسب الارتباط العاطفي وزيادة الرغبة الشرائية. كل هذا يجب أن يُخطط له في أثناء إعداد استراتيجية المزيج التسويقي.
7. التواصل Communication
التواصل هو من أهم مبادئ التسويق التي تحدد العلامات التجارية الأكثر قدرة على البقاء، والأكثر تحقيقًا للأهداف التسويقية. ويهدف التواصل إلى نقل الرسائل التسويقية إلى العملاء سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة. ويرتكز التواصل على الابتكار في التسويق، ويكون إما عبر التسويق التقليدي مثل: إعلانات التلفاز والمجلات والإعلانات المطبوعة في الشوارع، وإما عبر التسويق الإلكتروني مثل: التسويق بالمحتوى والتسويق عبر منصات التواصل الاجتماعي والتسويق بالفيديو والتسويق عبر البريد الإلكتروني.
ولتتمكن من اختيار الأفضل من بين كل طرق التسويق تلك، ستحتاج إلى دراسة جمهورك المستهدف وفهم سلوكه، لتحديد المنصات الأفضل بالنسبه له، فضلًا عن تحديد أهدافك من كل حملة تسويقية، هل تريد زيادة الوعي بعلامتك التجارية؟ أم تريد زيادة المبيعات؟ أم تريد تعزيز التسويق الشفهي مثلًا؟ عندها يمكنك اختيار الطريقة الأنسب أو المزج بين أكثر من طريقة. والحقيقة أن التواصل الناجح يكلل الجهد المبذول في بناء المزيج التسويقي بالنجاح.
الخاتمة
أخيرًا، فقد استعرضنا في هذا المقال استراتيجية المزيج التسويقي الفعالة التي ساعدت كبرى الشركات العالمية في تحقيق أهدافها التسويقية، وتطرقنا إلى توضيح الإضافة الثمينة التي أضافها فيليب كوتلر وألكسندر تشيرنيف من جديد إلى مبادئ التسويق، إذ أعادا صياغة العناصر بما يتناسب مع التسويق الاستراتيجي الذي يلائم التطور الرقمي. لا تنس أن أهم عامل لنجاح نموذج المزيج التسويقي الذي ستعده هو تتبع النتائج باستمرار، والرجوع للنموذج لتطويره وتنقيحه كلما لزم الأمر، للوصول إلى أفضل النتائج.
أسئلة شائعة
نعم، هناك فرق جوهري وواضح بين المزيج الترويجي والمزيج التسويقي. هذين المصطلحين يشيران إلى جوانب مختلفة في استراتيجية التسويق لأي منتج أو خدمة. إليك شرح موجز لكل منهما:
المزيج الترويجي (Promotion Mix):
المزيج الترويجي يرتكز على الجوانب التي تتعلق بالتعريف بالمنتج أو الخدمة وتسويقه للجمهور المستهدف.
يتكون المزيج الترويجي من عدة عناصر، بما في ذلك الإعلانات التلفزيونية والإعلانات الإلكترونية والمطبوعات والعروض الترويجية والعلاقات العامة وغيرها من وسائل الإعلان والتسويق.
الهدف الرئيسي للمزيج الترويجي هو زيادة الوعي بالعلامة التجارية والمنتج وإقناع الجمهور بشراءه.
المزيج التسويقي (Marketing Mix أو 4Ps):
المزيج التسويقي هو إطار أو نموذج يتكون من أربعة عناصر رئيسية تسمى الـ4Ps وهي المنتج (Product) والسعر (Price) والمكان (Place) والترويج (Promotion). ويشمل الجوانب التي تتعلق بكيفية تصميم المنتج أو الخدمة، وتحديد سعرها، وتوزيعها، بالإضافة إلى جهود الترويج.
يهدف المزيج التسويقي إلى تلبية احتياجات ورغبات العملاء وتحقيق أهداف الشركة من خلال تحديد منتجات أو خدمات تلائم السوق وتوفيرها بشكل فعال.