هل تود معرفة سلبيات الدراسة في الخارج وإيجابياتها؟ طبعًا التجربة في حدّ ذاتها ظاهرة عالميّة زاد انتشارها بشكل كبير جدًا في السنوات الأخيرة الماضية، حيث يقطع سنويًا آلاف الطلاب القارات والمحيطات قادمين من بلدانهم أملاً في الحصول على أعلى جودة ممكنة للتّعليم.
لطالما كان مواصلة المسيرة التّعليمية بالخارج حلمًا مغريًا لكلّ طالبٍ نجح في افتكاك شهادة الثّانوية أو حتّى البكالوريوس، فهل هناك ما هو أفضل من عيش تجارب أكاديمية جديدة ومختلفة في بلاد مختلفة تفتح لك آفاقًا واسعة لحياتك ومستقبلك؟
ولكن من أجل هذه الخطوة، ربما لا تزال متردّدا ولا تزال عاجزًا عن إقناع عائلتك بذلك.. من أجل ذلك جهزنا لك هذا المقال الذي سيساعدك حتما في تنظيم أفكارك وتحديد أولوياتك مع ما ستقرأه عن في هذا المقال.
احرص على قراءة المقال كاملًا وتدوين ما تراه مهمّا بالنسبة لك ولشروطك وإمكانياتك، وفي نهاية المقال سنوفّر لك منهجية بسيطة تساعدك على حسن الاختيار وأخذ القرار الأصحّ..
جدول المحتويات:
معنى الدّراسة في بالخارج
ماذا نقصد بالدّراسة بـ “الخارج”؟ إذا كنت تصادف هذا الموضوع لأول مرة فلاشكّ أنك تتساءل فعلًا.. ولذلك فببساطة الدراسة في الخارج تشمل نوعين:
الأوّل، هو التقديم بطلبات التسجيل في المنح الجامعية الكاملة أو منح الدعم الماليّ التي توفّرها كبرى الجامعات العالميّة ذات المستوى المعترف به في أغلب الأوساط الأكاديمية.
الثّاني، وهو أخصّ بالطلاب المقتدرين ماليّا، عن طريق التسجيل في الجامعات التي يرغبون هم بها دون انتظار فرص المنح والتخصصات المتوفرة فيها.
لماذا الدّراسة في الخارج؟
في الجزء الأول من مقالنا هذا عن ايجابيات الدراسة في الخارج، سنطرح الكثير من العوامل التي تجعل من هذه التجربة الغنية خيارًا مناسب للكثير من الطّلبة، وذلك من وجهة نظر أكاديميّة، اجتماعيّة، شخصيّة، والأهمّ من جانب المسيرة الوظيفيّة المستقبلية التي يمكن أن تسطّرها لك تجربة السّفر والانغماس في أوساط أكاديمية وثقافية مختلفة أكثر تطوّرا وغنًى في معظم الأحيان..
كما أن المقارنة بين الدراسة في الخارج والداخل سمحت لنا بالحصول على مجال أوسع لملاحظات الفروقات والمنافع التي ينبغي استغلالها والاستفادة منها لأقصى حدّ.
متى تبدأ التفكير جدّيًا في الدراسة في بالخارج؟
حسنًا، هذا يعتمد على خططك المستقبلية إن كنت قد أعددت واحدةً بالفعل.. وإلّا فيمكنك البدء بالتفكير الجدي في الدراسة في الخارج مع بداية السنة النهائية للمرحلة الثانوية، ورغم أنه سيبدو لك توقيتا مبكّرا جدا، إلا أنه يمنحك الفرصة لتطوير مستواك في اللغة الإنجليزية (أو اللغة المطلوبة للدراسة في جامعة ما) وكذلك، وهو الأهمّ، لتطوير مستواك العلميّ والدّراسي من الجانبين:
جانب تّحصيل المحتوى العلميّ نفسه في التخصص (أو التخصصات المحتملة) الذي يتوافق مع اهتماماتك، وكذا من جانب تحصيل الدّرجات الذي سيرفع من فرصك في اقتناص المنح العالميّة التي تعتمد بشكلٍ كبير على مجموع الدّرجات للطّالب المترشّح.
لا تقلق، إذ لا يطالبك أحد أن تختار التخصص والبلد الذي ستسافر إليه مع بداية سنتك النّهائية.. لكنّ وعيك بـ سلبيات الدراسة في الخارج وكذا أهمّيتها ورؤيتك الأولية للمستقبل سيدفعانك إلى اتخاذ خطوات صغيرة حاليًا، ستشكر نفسك كثيرًا فيما بعد أنّك قمت بها بالفعل.
مميزات الدراسة في الخارج وفوائدها
ولكن هل إيجابيات الدراسة في الخارج وأهميتها بهذا القدر الذي يستحقّ كل عناء البحث والتفكير فعلًا؟
في الحقيقة، يمكن لهذه الخطوة أن تغيّر من مسار حياتك -بدون مبالغة- إلى أفضل ممّا هو عليه الآن..
1. وعيٌ عالميّ بالثّقافات
إذا كنت تريد أن تستكشف العالم فعلًا دون أن تكتفي بالقراءة عنه ومشاهدة الوثائقيات، فإنّ انغماسك في مجتمعات العالم وثقافته شرطٌ ضروريّ.. وبقدر ما سيكون لهذا تأثير على تفتّح ذهنك، فإنه سيمنح لك فرصًا جديدة للدّراسة بشكلٍ منغمس بهذا الوعي المتجدد في حياتك.
2. شبكة علاقاتٍ واسعة ومفيدة
سواءٌ في مجال الدّراسة نفسها، داخل أروقة الجامعة أو بين مقاعد المدرجات، أو حتّى في إطار الوظيفة الجزئية التي ستعمل بها أو جيران السّكن حولك.. فإن كلّ هذه العلاقات ضروريّة لتعاملٍ صحّي مع أهل تلك البلد ومع مستقبل واعدٍ لك، سواءً قرّرت الاستقرار هناك أو العودة إلى بلدك الأصليّ.
3. التّركيز على تحصيلك الأكاديميّ
يبدو هذا بديهيّا؟
نعم، فإذا كنت ستتحمّل مشقة التجهيز والاغتراب بعدما تعلّمت الكثير عن إيجابيات الدراسة في الخارج وثمارها، فمن الواضح أنك ستصبّ كلّ تركيزك في الاختيار الدقيق والصّحيح للتخصص الجامعيّ والمؤسسة الجامعية التي ستنطلق منها نحو مسيرة علمية ومهنية واعدة.
4. بناء آفاق علميّة ومهنيّة
ستختلف طريقة تقييمك للآفاق المتوفرة أمامك بعد تعاملك مع ثقافات ورؤى مختلفة للثقافات التي تتعايش في نفس البلد، وسيحرّرك ذلك من النظرة الضيقة للفرص والمسارات التي كنت تظنّ أن لا شيء آخر قد يوفّر عليك الوقت والجهد ويمنح لك استقرارا علميّا وماليّا، إلى نظرة أوسع وأكثر غنًى وشموليّة.
5. رفع فرص التّوظيف
لن تختلف معي إن قلت أن إدراجك لدرجة جامعيّة في سيرتك الذاتية سيرفع من فرصة حصولك على الوظيفة التي تستعدّ لها، وسيساعد ذلك في ترك انطباع جيّد عند لجنة المقابلة إذا أحسنت التحدث عن التجربة بشكلٍ مختصر وعميق.. لعلّ هذا سيرفع من فوائد التجربة وما يمكن أن تتركه على ممارستك للوظيفة نفسها مستقبلا.
6. الحصول على أجر وظيفيّ محترم
هل هذا مفاجئ؟
حسنًا لننظر إلى الأمر من جهة مختلفة.
إن قبولك لتحدي الاغتراب وتجربة الدراسة في الخارج سيطوّر من مهارات ضرورية لأي وظيفة: المخاطرة المدروسة، حلّ المشكلات، التعلم من تجارب النجاح والفشل وسعة التّفكير.. ومجموع هذه المهارات سيترك لك تقييمًا جدًا عند موظِّفك وسيكون طلبك لأجر مرتفع في حدود المهارات والمهامّ طلبًا معقولًا ودليلًا على تقديرك لذاتك ولما يمكنك تقديمه لصاحب العمل.
7. إتقان مهارات التّواصل
سواءٌ أكان ذلك بممارسة ما كنت قد تعلمته بالفعل طوال سنواتك العشرين في بلدك، بين عائلتك وأصدقائك، ولكن هذه المرة ضمن مجال مختلف وجديد قد يشكّل لك تحدّيا.. أو حتى بتعلّم مهارات جديدة يستعملها سكان البلد وباقي الثقافات المتعايشة فيه.
سبق لنا تغطية موضوع عن أهمّ منح الدّراسة في الخارج بعد الثانوية في مقالنا هذا.. يمكنك الاطلاع عليه لتكوين صورة شاملة عن الشروط وخطوات التقديم.
8. إتقان لغات جديدة.. طبعًا !
عادةً ما يُنصح بالسّفر والانغماس في المجتمع الذي يتحدث اللغة من أجل تطويرها واكتساب طريقة تفكير قائمة على اللغة مباشرة دون الاضطرار إلى المرور عبر ترجمة لغتك الأم (وهي طريقة سيئة لتعلم أي لغة).
وباختيارك لإكمال تعليمك بالخارج سوف توفّر لنفسك هذه الفرصة بشكلٍ مجّاني ضمن تجربة نفسها.. واضحٌ جدّا أنها فرصةٌ لا تعوّض.
9. تطوير صحّتك النّفسية ورفع ثقتك بالنّفس
وكما يقال، مسكُ الختام.. فإنّ أجمل ما يمكن الحصول عليه بالانغماس في هذه التجربة هو فعلًا شعورك بالقوّة والاستقرار النفسي اللذان ستحصل عليهم بعد أن تمرّ بنجاح بكلّ التحديات التي سيفرضها عليك الاغتراب في الشهور الأولى من تواجدك هناك بعيدا عن عائلتك ومحيطك، وعن منطقة الأمان بالنسبة لك.
ستكون هناك مجبرًا على حلّ مشاكلك بمفردك دون أن تنزعج بأي تدخل رقابي، وتحمّل مسؤوليات قراراتك الصّائبة والطائشة معا، وكذلك إدارة الميزانية التي ستحصل عليها بالإنفاق الرّشيد والاستثمار المستقبليّ الحكيم.
كانت هذه أبرز فوائد الدراسة في الخارج، وهل تعتقد أنك أصبحت مستعدًّا؟ تهانينا !
سيكون أمامك القراءة عن المنح الدراسية وعن الإجراءات الضرورية للتقديم.. وستكون في جامعتك الجديدة قريبًا..
عيوب وسلبيات الدراسة في الخارج
سيجادل الكثيرون أن إجابيات الدراسة في الخارج وأهميتها ليست بهذه الصورة الوردية التي نقدمها.. وليست بذلك القدر الذي يُروّج لها.. وسيكون ذلك صحيحا نوعًا ما، فكلّ قرارٍ سيجلب معه نتائج إيجابية وسلبية، والحكمة هي في استغلال الإيجابيات والعمل على تقليل السلبيات أو التكيف معها أو استبدال ما هو أقلّ وقعًا بها..
مزاجٌ حماسيّ ورائع أليس كذلك؟
ومع ذلك، فمن أجل نظرة أشمل وأكثر نضجًا للسّبيل التي ستختارها لمستقبلك، جاء هذا الجزء الثاني من المقال عن سلبيات الدراسة في الخارج وأهمّ التحديات التي ستواجهك منذ بداية الرّحلة إلى غاية الانطلاق في التحصيل العلميّ هناك في الغربة.
وكما يقال إن لكلّ شيء جانبين يتكاملان، وأن الحكمة الإنسانية تكمن في القدرة على تغليب الجانب الإيجابيّ.. فإنّ معرفة الجانب السّلبي سوف يساعد في كشفه ومحاولة تقليل أضراره بقدر الإمكان.
لذا، سنسلّط الضوء في الأسطر التالية على أبرز 10 تحديات يمكن أن نعتبرها من أبرز عيوب وسلبيات الدراسة بالخارج قد تواجهها خلال تقديمك وبعد وصولك إلى وجهتك الدراسية، لذا عليك الانتباه لها جيدًا.
حسنًا لنر، ما الذي سيتحدّانا..
1. ارتفاع التكاليف الدراسية
وكما ذكرنا في أحد مقالاتنا السابقة، فإن ارتفاع التكاليف في حالة الدراسة في الخارج -حتى في حالة الحصول على منحة مموّلة بالكامل- راجعٌ إلى تكاليف تحضير اختبارات اللغة والكفاءات وكذا طلب وترجمة الوثائق الرّسمية. وهذا ما يجعل الأمر أكثر سلبيّة.. خاصة إذا كان خيار الدراسة المحلّية المجّانية أكثر إغراءً لعائلتك.
نصيحتنا هنا: حاول أن تتدبّر هذه المصاريف مسبقًا بشكلٍ تدريجيّ ومستقلّ عن عائلتك لتعطي الانطباع المرغوب فيه عن قدرتك على تحمل المسؤولية.
2. إجراءات إدارية طويلة
وهنا ستكون النّصيحة السابقة فعّالة بالقدر نفسه.. فمتى ما حاولت استخراج وثائقك واجتياز اختبارات اللغة في وقتٍ أبكر، سيخفّف ذلك من الضغط الكبير عليك حين تبدأ الجامعات بفتح برامج المنح والدعم الماليّ.. وسيمنحك رؤية أوضح إذ تكون قد تخلّصت من خطوة كبيرة تعيق الكثير من المترشّحين وتربكهم.
في نفس الوقت، انتبه إلى أن هذا الوقت الكافي لا يتجاوز تاريخ صلاحية الوثائق وشهادات الاختبار.. وأن وثائقك ستبقى صالحة للاستعمال إلى غاية تاريخ التقديم على المنحة.
3. صدمات ثقافية
وأمّا في فترة أكثر تقدما، بعد السّفر وبداية الاستقرار في البلد الجديد.. قد تبدأ ملاحظاتك حول أسلوب الحياة والتفاعل الاجتماعيّ تشعرك بنوعٍ من الانزعاج.. وهذا مألوف تماما وطبيعي، ففي نهاية المطاف الإنسان عدوّ ما يجهله.
كما يمكن أن تبدأ بالمقارنة بين ما ألفته طوال سنواتك الماضية في بلدك الأم ورفض التأقلم مع الواقع الجديد الذي لا يروقك بالضّرورة.
من أجل ذلك، فإن هذه نقطة هامة قد تكون مصيريّة بالنسبة للكثيرين.. يمكنك تجاوز الأمر بالتحضير المسبق ومحاولة اكتشاف أنماط الحياة السائدة قبل انتقالك وسفرك مع القليل من الصّبر؛ كما أن معرفتك باحتمال حصول هذا يقلّل من خطورة الصّدمة وتأثيرها عليك على المدى البعيد.
4. معاناة مع اللغة
وهذا شبيه جدّا بما مضى، وهو من أهم سلبيات الدراسة في الخارج.. فاللّغة ركيزة أساسية للثقافة المحليّة البلد، ومعاناتك مع الصّدمات الثقافية قد يكون سببه أساسًا ضعفٌ في اللغة.
وقد يكون هذا خبرٌ سارّ في الواقع.. فتحسين مستواك اللغة بينما أنت منغمس في بيئة خصبةٍ تتحدّث هذه اللغة حصريّا سيكون أيسر بكثير مما تتوقّع، والتزامك ببعض العمل الجادّ سيوفّر عليك هذه المشاعر السلبية وسيحوّل التحدّي إلى مكسبٍ.. وهذا ما نطمح إليه في نهاية الأمر.
5. التعرض للتمييز العنصري أو الديني
رغم كلّ ما وصلت إليه الإنسانيّة علمياً وتقنياُ من تطوّرات تذهل الفكر.. إلّا أن هذه الآفات الفكريّة والمجتمعيّة لازالت تنخر جسدها وتدمّر أخلاقها.
قد يكون من القاسي للغاية أن يخبرك أحدهم أنه يمكن أن تتعرّض للتنمّر أو التمييز بسبب عرقك أو لون بشرتك أو شكل شعرك أو حتى طريقة لباسك الهوياتية في هذا البلد الذي يعدك بمسيرة أكاديمية غنيّة.. لكن لا مفرّ من الأمر، عليك أن تضع هذا في الحسبان، وخاصة إذا كانت قوانين البلد تدعم مثل هذه التصرفات ولو بشكلٍ خفيّ ومتوارٍ.
اعرف حقوقك وواجباتك القانونية بشكلٍ كافٍ يضمن لك الأمن العامّ في البلد، وتحلّ بثقة كبيرة بنفسك، وبما تحمله من قيم قوميّة ودينيّة دون أن ينقلب ذلك إلى تعصّب مضادّ.
6. تراكم المسؤوليات
لعلّه لم يكن متاحًا لك، حين كنت تقيم مع عائلتك، أن تلاحظ كمية المسؤوليات التي تنشأ عن استقلال الفرد وبداية سعيه نحو مستقبله الخاص المنفصل عن والديه.. لذلك ستكون تجربة السفر إلى الخارج ميدانا واسعًا لاختبار ذلك.
لن يكون من الدّقة اعتبار ذلك من سلبيات الدراسة في الخارج، بقدر ما هي فرصة لا تعوّض لبداية إثبات نفسك والانطلاق لتحقيق الإنجازات.. سيستلزم الأمر منك بعض التنظيم الجادّ والاطلاع على مبادئ إدارة الوقت والمهامّ، لتتمكّن من تجاوز هذا التّحدي.
7. ارتفاع سقف التوقعات
أما بالنسبة لهذه السلبية السّابعة، فهي لا تقتصر على السفر والاغتراب فحسب.. وإنما للأمر علاقة بالمرحلة العمريّة نفسها وبما اعتاد المجتمع -على المستوى الضّيق والواسع- انتظاره من الطّلبة الشّباب الذين يحملون أحلاما كبيرة أثناء انتقالهم إلى فترة الدراسات الجامعية والعليا.. لا داعي للقلق بخصوص ما يتوقعه المجتمع، وعليك أن تحرص ألا تنتقل هذه التوقعات المثالية جدّا والموهومة إليك لتجبرك على إلزام نفسك ما لا تستطيعه.
تفاعل مع مجتمعك بطريقة صحّية وقدّم له ما تستطيع، في نفس الوقت الذي تحتفظ فيه بوعيك بإمكانياتك وحدودك البشريّة.
8. صعوبة التأقلم الاجتماعي والنّفسي
ولعل من أبرز سلبيات الدراسة في الخارج وهو التأقلم الاجتماعي والنّفسي، وقد يكون هذا نتيجة مباشرة لعدم التزامك بالنصيحة السّابقة، وهي أن تعي أنك لست مثاليّا وأن الأمور قد تكون سيئة للغاية في أوائل أيام الغربة.. توقّع هذا وتقبّله، ثمّ انظر بتفاؤل لما ينتظرك من تجارب أكاديميّة مثيرة وواعدة، وكذا للقاءات المحتملة والإضافات الغنية التي ستحصل عليها بعد مرور بعض الوقت الكافي. امنح لنفسك المهلة الضرورية.. واستعن بمحيط داعمٍ ومتفهّم.
ومع ذلك، ففي مرحلة ما سيتطلّب وضعك المتفاقم مساعدة مختصّة.. ابحث عن هذه المساعدة ضمن محيط الجامعة نفسه، إذ أن أغلب الجامعات تجعل من الوصول إلى مثل هذه المراكز الاستشارية للطّلاب أسهل وأقلّ تكلفة.
9. اعتمادية الشّهادة
كما ذكرنا بالضّبط في مقال سّابق، إذا كنت تخطّط للعودة إلى بلادك بعد نيل الشهادة فلابدّ أن تتأكد أوّلا أنها معتمدة في أحد المجالين: سوق العمل أو الأروقة الأكاديمية أو كليهما.. لأن الأمر محبط للغاية إذا كنت ستنفق كل ذلك الوقت والجهد والمال، لتبقى عاجزا عن استغلال شهادتك حين تعود لبلدك الأم.
قد يكون من السّلبي جدًا معرفة أن الشهادة غير معتمدة، لكن التخطيط للاستقرار في نفس البلد أو البحث عن بدائل للمطابقة بين الشهادة أفضل بكثير من التفاجؤ بذلك بعد مرور الكثير من الوقت.
10. الاستقرار الوظيفيّ
وأخيرًا، إذا كانت الحياة في هذا البلد الجديد قد راقتك بالفعل.. وإذا كنت تجاوزت كل هذه التحديات بنجاح بعد الكثير من السعي وبذل الجهد، فهذا خبر سارّ للغاية. قد تفكّر حينها في الاستقرار، لكن عليك أن تنتبه أن بعض الوثائق التي سمحت لك بالإقامة طوال فترة الدراسة ستصبح لاغية بمجرد الحصول على الشهادة.
ستفقد الحقّ في الإقامة والنقل الجامعيين، وسينبغي عليك تجديد تأشيرة الطّالب وتحويلها إلى صيغة أخرى تتناسب مع وضعك الحاليّ.
كما عليك أن تضع في الحسبان أن بعض المنح لا تسمح للطلاب الدوليين بالاستقرار في البلد المضيف بعد انتهاء مدة المنحة وأنها تفرض عليهم العودة إلى بلدهم الأم.
نصائح لأفضل تجربة دراسة بالخارج
وإذا كانت عائلتك لا تستطيع أن تمنحك موافقتها بعد من أجل هذه الخطوة الكبيرة لمستقبلك، فإليك بعض النصائح العملية التي ستساعدك في اتخاذ القرار وكذا التخفيف من حدة الآثار “الجانبية” للتجربة:
1. ابذل جهدًا أكبر من أجل الاستعداد:
سيمنحك ذلك صورة واضحة عما أنت مقبل عليه، وسيجعل والديك مطمئنين على مدى جاهزيتك وقدرتك على مواصلة مسيرتك العلمية بعيدًا عنهم في بلدٍ غريب. خطّط من أجل الحصول على درجات مرتفعة في مستواك الدراسي الحالي، واعمل على تحسين مهاراتك اللغوية والتواصلية.
2. ابحث بشكلٍ منهجيّ وجادّ:
سيشمل بحثك كل ما يمكنك الوصول إليه تقريبا. معلومات التخصص والجامعة وتكاليف الدراسة في الخارج والسكن والنقل الجامعي أو (إذا كان ذلك متوفرا ضمن المنحة أو الدعم).. وكذلك عن أسلوب الحياة هناك من أكل وشرب وترفيه وتوفير الحاجيات الضرورية.
إذا كان البلد يضمّ ثقافات سائدة من جنسيات مختلفة اقرأ عنها وابحث عن تجارب من سبقوكم في كيفية التعامل مع هذه الاختلافات الكثيرة.
3. وفّر جزءا من النفقات المالية:
وذلك بقدر ما يمكنك فعله في ظروفك الحالية.. سيكون هذا عاملاً مهمًا في تقدير أهمية المال وضرورة التخطيط الماليّ الحكيم بعيد الأمد. كما ستصبح هذه الخطوة مصدر أمان كبير لعائلتك ودليلًا على جدّيتك وقدرتك على تحمل مسؤولية هذا القرار.
4. تعلّم كيف تعتني بنفسك:
بدءًا من الاهتمام بروتينك اليومي وحاجياتك الشخصية، والتخطّيط لدراستك في الخارج وكذا لعملك بفعالية، ووصولًا إلى أخذ التدابير والاحتياطات الوقائية في حالات الطوارئ والأزمات.
ينبغي أن يكون كل هذا (أو خطوطه العامة على الأقل) واضحًا لك ولعائلتك.. فهذا ضروري لثقتك بنفسك أثناء الشهور الأولى واطمئنانهم عليك.
5. أخيرًا، كُن مستعدّا للصّدمة
التي لن تنجو منها يوم تضع قدمك على مطار البلد الجديد.. هذا طبيعي للغاية ومتوقّع لكلّ طالب، وقوة النفس تكون بحسن التعامل مع هذه الصدمة وتجاوزها في أقرب وقت ممكن.
جدول توضيحي للموازنة بين إيجابيات وسلبيات الدراسه في الخارج
كنصيحة عمليّة أخيرة، يمكنك الاستعانة بجدول بسيط، كهذا المثال بالأسفل، لتحديد مدى استعدادك لخوض تجرِبة الدراسة في الخارج أخذا بالاعتبار كلا من إيجابيات وسلبيات الدراسة في الخارج:
الإيجابيات (وتقييمها من 10) | السلبيات (وتقييمها من 10) | |
---|---|---|
التكاليف المرتفعة | x | 8 / 10 |
إتقان اللغة | 6 / 10 | x |
اختبارات اللغة والكفاءات | x | 2 / 10 |
الاستعداد النفسي والاجتماعي | 8 / 10 | x |
تحمل المسؤولية | 9 / 10 | x |
اعتمادية الشهادات | 10 / 10 | x |
إمكانية الاستقرار بعد التخرج | 7 / 10 | x |
المجموع | 40 | 10 |
تمثّل صفوف الجدول المعايير التي سيتمّ من خلالها تقييم إيجابيات وسلبيات التجربة، ويتمّ ملء الجدول بإعطاء قيمة تقريبية لمدى “إيجابية” أو “سلبية” المعيار إذا ما تم القرار بالسفر والدراسة في الخارج.
يفترض بمجموع النقاط أن يكون عاملا مساعدًا لتحديد القرار، دون أن يكون ملزما بذلك.. يمكنك تغيير المعايير بما يتناسب مع حالتك وشروطك، فالمثال فقط لتوضيح الفكرة.
تحدّثنا طويلًا فيما مضى عن الدّراسة في الخارج بعد الثّانوية، شروطها وفوائدها.. وكذا جمعنا لك مجموعة من أهمّ المنح الواعدة التي يمكن أن تجلب اهتمامك أثناء تحضيراتك الحثيثة للسفر وبدء مسيرتك العلمية خارج البلاد سواء بعد الثّانوية أو حتى بعد نيل شهادة البكالوريوس.
هل يبدو الأمر أوضح الآن؟ هل أنت مستعدّ لمواجهة هذه التحدّيات والخروج منها بأفضل نتيجة؟ نتمنّى ذلك !
حظّا سعيدًا !